كيف تُعدّين طفلكِ لاستقبال المولود الجديد؟
يتفاعل الأطفال بطرقٍ مختلفةٍ عند قدوم مولود جديد إلى الأسرة؛ منهم مّن يتراجع إلى التصرّفات والسلوكيّات التي سبق وتخلّى عنها، كمصّ الإبهام وتبليل السّروال والرضاعة من الثدي أو القنينة والتحدث بلغة الأطفال. ومنهم مّن ينطوي على ذاته رافضاً الكلام أو اللعب. ومن الأطفال أيضاً من يقترح التخلّي عن الطفل الجديد أو إعادته إلى المستشفى، ومنهم مّن يفخر في كونه "البكر" القادر على ارتداء ملابسه بنفسه، والدخول إلى الحمام بمفرده، والمساعدة في رعاية أخيه أو أخته. المهم أنّ كلّ المشاكل السلوكية التي يمكن أن يُعاني منها البكر بقدوم المولود الجديد موقتة ولا بدّ أن يختفي كل أثر لها مع بلوغ هذا الأخير شهره الثامن.
من الطبيعي أن تُسهم ولادة طفلك الثاني في تغيير طريقة تعاملكِ مع طفلكِ البكر، ومن الطبيعي أيضاً أن تتوقفي عن اللعب معه بشكلٍ منتظم، وأن يقلّ اهتمامكِ برغباته وتكثر خلافاتك معه وتخفّ أحاديثك معه وملاعبتك له. ولكنّ وقع هذه التغيرات عليه وعلى علاقتك به رهنٌ بشخصه. فلو كان من النوع الذي يبادر في المجيء إليك ومحادثتك أو اللعب معك، من المستبعد أن يشعر بمنافسة شقيقه أو شقيقته له، على عكس نوع الأطفال الذين يختار الانحساب والانطواء على ذاته.
لسوء الحظ، تتضارب آراء الباحثين بشأن كيفية مساعدة الطفل البكر في التكيّف مع حقيقة وجود شقيق أو شقيقة جديدة له. لكنّ الخبراء النفسيّين يقترحون النصائح التالية للتخفيف من وطأة هذه المرحلة عليهم:
- • حضّري طفلكِ الأول لولادة طفلكِ الثاني وإحرصي على إجراء أي تغيير "يمسّ" بحياته (كنقله من غرفة نوم إلى أخرى أو من المهد إلى السرير أو ضمّه إلى رياض الأطفال) قبل حلول موعد الولادة المنتظر بكثير، وذلك للتخفيف من وطأة شعور العزلة الذي سيتضاعف لديه بانضمام العنصر الجديد إلى الأسرة.
- • تقبّلي غيرة طفلكِ البكر وقلقه على أنهما أحاسيس طبيعية، وإحرصي في الوقت نفسه على حماية طفلكِ الثاني من أيّ شكل من أشكال التعبير المؤذي عن هذه المشاعر.
- • شجّعي طفلكِ على اللعب مع المولود الجديد والمساعدة في رعايته.
- • أعربي لطفلكِ البكر عن مدى تقديركِ وحبك له، كلّما سنحت لكِ الفرصة بذلك.
- • دعي زوجكِ يلعب دوره المهم في مساعدة طفلكما البكر على التأقلم مع الوضع الجديد، من خلال تخصيصه بالمزيد من الوقت والرعاية تعويضاً عن غيابك وانشغالكِ المفاجئ بالمولود.
- • استفيدي من فترة حملكِ بحكمة، كأن تتشاركي خلالها تحضير الطعام مع طفلك البكر، محوّلةً كل دقيقة تقضينها برفقته في المطبخ إلى أوقات مميزة يمكن أن تستمرّ معكما حتى ما بعد ولادة الطفل الجديد.
ماذا عن تنافس الأشقاء؟
التفاعل بين الأشقاء مسألة معقّدة وغالباً ما يكون مقمّطاً بطبقاتٍ من المشاعر المتناقضة. فالطفل الجديد سيبدأ بالتفاعل مع أخيه الأكبر اعتباراً من الشهر السادس. وعند بلوغه العام الأول، سيمضي أكثر أوقاته مع أخيه، وتكاد هذه الأوقات أن توازي الأوقات التي يقضيها برفقة أمه وتتخطى بأشواط تلك التي يقضيها برفقة أبيه.
اطمأني، الإخوة والأخوات غالباً ما يتفقون! وتشير الدراسات إلى أنّ الأطفال الأبكار يبادرون بتصرفات سلبية وإيجابية تجاه أشقائهم فيما يميل الأطفال الأصغر سناً إلى تقليد تصرفات هؤلاء. وبالنسبة إلى الصبيان، فيتجهون نحو التصرفات العدائية أكثر من البنات اللواتي يملن أكثر إلى المشاركة والتعاون والمعانقة.
وفي الإجمال، يكون تفاعل الأشقاء بين بعضهم البعض منوّعاً وغالباً ما لا يمتّ إلى التنافسية بصلة. فكما أنّ التنافسية موجودة احياناً، العواطف الصادقة موجودة كذلك. وفي أغلب الأوقات، يتعلّق الأطفال الصغار بأشقائهم وشقيقاتهم وينزعجون لدى مفارقتهم ويحتفلون بعودتهم ويستمتعون باللعب معهم ويحتمون بهم متى تواجدوا في حضرة غرباء.
تجدر الإشارة إلى أنّ علاقتكِ بطفلك البكر عامل مؤثر إلى حد كبير في علاقة طفليك ببعضهما البعض، إذ كلّما زاد شعورهما بالأمان العاطفي تجاهك، تعزز رابط الأخوة الذي يجمعهما وزاد قوةً. فالأكيد أنّ طفلك البكر سيشعر بغيرة أقل عندما يراك تلعبين مع المولود الجديد وسيكون أقل عدائية تجاهكِ وتجاه أخيه أو أخته، إذا ما كانت تربطك به وبشقيقه/ شقيقته علاقة جيدة.
وكي تحافظي على علاقتكِ القوية بكلا طفليك، من المهم أن تحرصي على تمضية الوقت معهما سوياً ومع كلّ واحد منهما على حدة. وفي ما يلي بعض الطرق المسليّة لتمضية الوقت النوعي مع كلّ طفل على حدة أو مع الطفلين سوياً كأسرة واحدة، فتابعينا!
طرق مسليّة لتمضية أوقات ممتعة مع الأطفال
حاولي إشراك طفلكِ البكر بتحضير الطعام للأسرة والطفل الجديد. وتذكّري بأن تُشجعيه وتُثني عليه في كلّ خطوة يقوم بها في هذا الاتجاه.
جرّبي إعداد المخبوزات مع طفليكِ وتأكدي من أنكم ستقضون جميعاً أوقاتاً مسلية جداً!
اقرأي قصص ما قبل النوم لطفليك معاً، ودعيهما يتناوبان على اختيار الكتاب الذي ستقرأين فيه كل ليلة. بهذه الطريقة، ستشجّعينهما على التعرّف أكثر على اهتمامات بعضهما البعض وتقوّي الرّابط الذي يجمعهما.
شجّعي طفلكِ البكر على قراءة قصة لأخيه الصغير إن كان قادراً على القراءة أو روايتها له إن كان صغير السن.
جهّزي لطفليك ألعاب حمام ودعيهما يلعبان ويتسليان معاً في حوض الاستحمام.
جهّزي لطفليك مرملةً صغيرة وبعض الألعاب ليمرحا معاً في الرمل. وشجّعي طفلكِ البكر على تعليم شقيقه وشقيقته كيف يبني أشياء ظريفة في الرمل.
في الختام، لا بدّ من التنويه إلى أنّ البيئة التي تبنينها لطفليك اليوم ستؤثر في علاقتهما ببعضهما البعض غداً، كما وستطبع شخصيتهما ونموّهما إلى الأبد. فالدراسات تؤكد على أنّ الأطفال الذين يتمتعون بعلاقات جيدة مع إخوانهم هم أقدر من غيرهم على فهم آراء الآخرين. بكلامٍ آخر، ومن خلال مساعيك للتقريب بين طفليك وتقوية الرابط الذي يجمعهما، كوني على ثقة بأنكِ ستمنحي كلاهما فرصة التنعّم بفوائد تدوم لهما العمر بطوله.